رحلة اللجوء: من غزة إلى المجهول

عشتُ في غزة، المدينة التي تحتضن ذكرياتي وأحلامي، لكن الأوضاع فيها كانت أقسى من أن تُحتمل. بعد أن تعرضت عائلتي للأهوال، نزحتُ وزوجتي وأطفالي الثلاث مرات عديدة، كنا نبحث عن الأمان في زوايا مدينتنا الممزقة. كل مرة كنا نترك خلفنا جزءاً من حياتنا، من ذكريات، إلى أشياء تذكرنا بأيامٍ كنا نشعر فيها بالأمان.

لكنها كانت رحلة لم تنتهِ. بعد نزوحنا الأخير، قررنا مغادرة المدينة قسراً نحو الجنوب. كانت قلوبنا مثقلة بالخوف والقلق، وجثثنا منهكة من التعب. خرجنا بلا شيء، سوى الملابس التي نرتديها، وكأننا كنا نركض هرباً من كابوس لا ينتهي.

واجهتنا الكثير من المصاعب. كانت كل خطوة نخطوها نحو المجهول محاطة بالذل والإهانة. لم يكن لدينا مال ولا غذاء، ولا دواء، ولا حتى ملابس أخرى لتخفف من قسوة الشتاء الذي كان يزحف علينا مثل عدوٍ لا يرحم. كنا نعيش على حافة الأمل، في انتظار لقمة عيشٍ تنقذنا من جوعٍ لا يرحم.

مع كل يوم يمر، كنا نشعر بتأثير الظروف القاسية علينا. المياه كانت شحيحة، والغذاء كان حلماً بعيداً. وها هو فصل الشتاء يقترب، جالباً معه البرد القارس، والرياح العاتية، والمياه الجارفة التي تغمر الأراضي الطينية التي وجدنا أنفسنا فيها. كان الشعور بالعجز يعتصر قلوبنا، ومع كل عاصفة، كنا نزيد شعوراً بأننا عالقون في دوامة لا تنتهي.

لكن في خضم هذا الظلام، لا زلنا نحاول البحث عن بصيص أمل، نؤمن أن الحياة ستمنحنا يوماً ما فرصة جديدة. نُذكِّر أنفسنا أن العائلة هي أغلى ما نملك، وأننا سنستمر في السعي لتحقيق الأمان لأطفالنا، مهما كانت الصعوبات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top